الأربعاء، 25 يوليو 2012

مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة


طرحي هنا له وجهان , وجه فكري , ووجه مأساوي , وهي ليست حالة خاصة وشأن خاص بل هو شأن كل مواطن يتمنى أن يشعر بالرضا وأن يجد حقه كاملا في ناحية مهمة من حياته , الموضوع ليس مدحا لأحد ولا ذما لشخص بحد ذاته ولكنها حالة ربما يمر بها البعض وربما تكون كبث الملح على جرح في جسد كل مواطن .
أكاد أجزم أن الدولة لم تبخل على القطاع الصحي بالمال ولا بالدعم ولكن الخلل ولا شك يتناثر بين المسئولين في القطاع الصحي وبين المواطن الذي يكتفي بالصبر واحتساب الأجر كلما وجد عائقا أمام حقه في العلاج , نعم يجب على المواطن الصراخ في وجه الموظف الفاسد سواء أكان ابن الوطن أو وافد , ويجب أن يحاول أن يوصل صوته للمسئولين عند وجود خلل في تمتعه بحقوقه الصحية , أنا لن أخوض في تجارب الآخرين , ولا ما يطرح على الساحات وعبر مختلف الوسائل الإعلامية عن بعض القصور في تقديم الخدمة العلاجية للمواطن , أنا سأسرد تجربة شخصية بكل حقيقتها وما أتمناه وما لم أجده .
ما دعاني لكتابة هذا الموضوع الفرق الذي لمسته بين قطاعين صحيين أجبتني الظروف على معايشتهما , وسأسردهما باختصار شديد , توفي أخي في مستشفى حكومي قبل أشهر قليلة والأعمار بيد الله أولا وأخيرا , وطبعا سبب الوفاة كان (كما قال الطبيب) تليف في الرئة , طبعا السبب الذي أسره أحد الأطباء كالتالي : بعد عملية الغرغرينا وبتر الساق خرج أخي من المستشفى وهو لم يزل متعبا بسبب ضيق التنفس وبعد عدة أيام زادت حالته سوءا وعاد للمستشفى ليلقى ربه بعد أيام , فقال أحد الأطباء لإبن أخي باللغة الإنجليزية ( المفروض ما يخرج أبوك بعد العملية مباشرة إلا بعد تهيئة الرئة وإخراج الماء وتستعيد الرئة عافيتها بعد العملية (ولهذا رابط سأقوله لا حقا سبب كتابة هذا الموضوع) , المهم رحم الله أخي وكعادة الكثير من المواطنين عندما يغلبهم الإيمان بالقضاء والقدر والمكتوب .

وأنا كنت أراجع في مستشفى العيون بجدة بعد أن سمعت ما يخيف من المستشفيات الخاصة بالذات في عمليات العيون , وتحملت المواعيد الطويلة (من شهر حتى أربعة أشهر حسب حظك) وتحملت الانتظار من الساعة 8 صباحا حتى 11 والنظر بحزن لعشرات (الشيبان) القادمين من جميع محافظات جدة وانتظارهم الطويل حتى أن بعضهم لا يجد كرسيا ليقعد عليه (ومن سبق له الذهاب هناك لاحظ ذلك) , فقررت التوجه للدمام حيث تسكن أختي ربما أجد واسطة هناك وأختصر بعض الوقت والجهد , فكنت ضحية خطأ طبي أيضا فقد عملت عملية بعد أن قالت الطبيبة تحتاج لتثبيت الشبكية بواسطة عملية يستخدم فيها الغاز وكانت الطبيبة تعرف أني من جدة وتعرف أني سأعود بعد العملية مباشرة ولم تقل لي لا تركب الطائرة بعد العملية مباشرة وعدت لجدة وحدث انفصال شبكي بسبب الضغط الجوي بعد عدة أيام , وعندما عدت للمستشفى بعد الانفصال الشبكي وشرحت الموضوع للأطباء فحاولت الطبيبة أن تنكر أنها استخدمت الغاز في العملية وقام بتأيدها أحد الأطباء , ولكن طبيبا بريطانيا من أصل هندي قال لي إنها عملية يستخدم فيها الغاز وهي واضحة من خلال التقرير ومن الخطأ ركوب الطائرة بعد العملية بأيام قليلة , المهم استشرت أحد العاملين في المستشفى في رفع شكوى فقال بصراحة لن تستطيع أن تثبت في التحقيق أن الطبيبة تعرف أنك من جدة وأنك ستركب الطائرة وربما ستقول قلت له لا تركب الطائرة ولكنه ربما لم يسمعني , وستضيع وقتا طويلا في الشكوى والاستدعاءات وأنت موظف في جدة وستتعب وفي النهاية لفت نظر في ملف الطبيبة لن يقدم ولن يؤخر وكما نحن مواطنين صالحين نؤمن بالقدر سلمنا أمرنا لله وقلنا قضاء وقدر وإرادة الله ماضية رغم كل شيء ) ولكني الآن وبعد أكثر من 4 سنوات ندمت على التفريط في حقي ...
نأتي لسبب كتابة هذا الموضوع وعلاقته بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة ,, عندما كان أخي منوما في مستشفيات مكة وبالذات الزاهر لم ألاحظ نوعية الخدمات الصحية ونظافة الغرفة التي يرقد فيها أخي مع ربما 6-7 مرضى وكانت مساحة المكان المخصص له لا تتعدى مترين في متر ونصف حتى أن الجالس بجواره يلامس الجالس للزائر في السرير القريب الأخر , ولم ألاحظ نوعية الأسرة والأجهزة في الغرفة ولا تجهم وكآبة الممرضين والممرضات ولا تأخرهم الشديد عند نداء المريض ولا ردودهم الفاترة , حتى الآن كنت أظن أن هذه هي نوعية الخدمات الممكنة لدينا .
وأيضا قبل فترة زمنية شعرت بأعراض قلبية فذهبت لمستشفى حكومي كبير بجدة فأعطوني موعدا بعد 4 أشهر (تخيلوا أعراض قلبية والموعد بعد 4 أشهر) وكان ما كنت أخشاه فقد تطورت الحالة بعد ذهابي للمستشفى بأسابيع قليلة , ففكرت الذهاب للطوارئ , ولكن حالتي لم تكن خطيرة , فقررت الذهاب لعيادة خاصة , طبعا الكشفية والتحاليل والأشعة وخلافه مقدور عليها (فالتأمين الطبي حلم أي موظف بعيد المنال) , المهم أن عملية القسطرة البسيطة تتطلب مبلغ وقدره ,, فبالنا بعملية القلب المفتوووووووح !!!

اتصل بي زوج أختي من الدمام جزاه الله خيرا (وهو عسكري) وقال لي إن مستشفى الملك فهد العسكري بجدة من أفضل المستشفيات في الشرق الأوسط في عمليات القلب , فتوجه لهم وستجد العناية اللازمة , فقلت له أنا مدني وهذا مستشفى عسكري ولن يقبلوني , فقال لا سيقبلونك اذهب فقط وسترى  .

توجهت للمستشفى الملك فهد العسكري في الكورنيش وأنا أضرب أخماسا في أسداس فقد كنت أمر كثيرا بجواره وأشعر بالرهبة من ذلك المبنى وتلك الصواريخ المنصوبة في الدوار أمامه وكأنها تحذرني من مجرد الاقتراب منه , توجهت كمواطن عادي لا أحمل توصية ولا واسطة ولا أي شئ يشفع لي غير بطاقتي المدنية والكثير من الدعاء , توجهت للطوارئ , وكان انطباعي الأول مذهلا بالنسبة لما عهدته في المستشفيات الحكومية التي أعرفها , فالأسرة كبيرة وجديدة والأرضيات نظيفة والتكييف (عال العال) ومنظر الأطباء والممرضات (يفتح النفس ) والابتسامة غالبة على من يحدثك , وكأني في حلم قال طبيب الطوارئ اذهب إلى المكتب الفلاني بهذه الورقة واعمل الإجراءات اللازمة لإصدار بطاقة طبية مؤقتة وأكمل إجراءاتك وتعال , ذهبت للمكتب المطلوب , أعطوني استمارة وعبيتها ثم اذهب وقعها من المكتب الفلاني ثم الفلاني والخطوة الأخيرة توجهت لمكتب مدير المستشفى (اللواء محمد بن عبدالعزيز الحلافي) , وقد دخلت عليه وهو يمازح أحد الأطباء ضاحكا ويقول له : ( تعال في أي وقت تلقاني هنا فين أروح يعني ) , وقع الورقة وكنت أخاف من أن يسألني ما هي وظيفتك وشعرت بشئ من الخوف والتردد , ولكنه وقع عليها بعد أن قراها سريعا , وخرجت وأنا لا أكاد اصدق أنني أنهيت إجراءاتي خلال نصف ساعة فقط  .

بدأ مشوار العملية وقيل لي أن الدكتور السعودي( وليد ابو خضير ) من أفضل الأطباء           العرب في عمل هذه العملية       عملية توصيل الشرايين cabu
هنا تأملت ما حولي , ففي كل شئ كان هناك ما يبكيني حد القهر , لماذا لم يحض أخي بمثل هذا المكان , غرف واسعة , تكييف منعش , أرضيات نظيفة , معاملة إنسانية راقية , وجوه مبتسمة , كلمة (سير) قبل كل شئ يقوله ممرض أو ممرضه , طعام نظيف , الغرفة واسعة وسقفها مرتفع وليس فيها إلا سريرين ولك سرير له تلفزيون خاص , السرر واسعة ونظيفة وتتحرك كيفما تشاء , بمجرد الضغط على زر الخدمات بثواني تأتي الممرضة مستجيبة , وكأنني (قروي) جاء أول مرة للمدينة , لم أعهد هذه الرفاهية حتى في مستشفى الأطباء المتحدون عندما عملت عملية منظار .
وبعد العملية يأتي باستمرار أخصائي علاج طبيعي لعمل تمارين (للرئة) حتى تستعيد عافيتها وتعود لطبيعتها بعد العملية (يبدو أن الرئة تتأثر بعد العمليات الطويلة وتحتاج لتمارين خاصة , وهذا ما لم يناله أخي بعد عمليته في مستشفى حراء بمكة وبعد عدة أيام كما قال أحد الأطباء تليفت الرئة لعدم قدرتها على العودة لسابق عهدها بعد العملية ) .


وكانت هناك طبيبة تأتي عدة مرات كي تطمئن علي اسمها إيمان , ولن أنسى أخصائية التغذية (خلود) والتي جلست مع زوجتي ساعتان كاملة توضح لها كل صغيرة وكبيرة في الغذاء المطلوب بعد العملية وطريقة أخذ الدواء والتمارين وكل شئ صغيره قبل كبيره .

هنا أتساءل أنا مواطن عادي وموظف من عامة الموظفين الكادحين لا املك ثروة ولا جاه ولا واسطة ولا لقب مدني أو عسكري , لماذا لا أحضى برعاية صحية كتلك التي لقيتها في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة ؟
لماذا لا تكون المستشفيات الحكومية المدنية كمستشفى الملك فهد للقوات المسلحة في كل شئ , في التعامل وفي الأداء وفي توفير الرعاية الصحية والأدوات والدواء ( حتى الدواء أعطوني ما يكفي ثلاثة شهور وعندما سألت عن سعره في الصيدلية تحت منزلي وجدته يكلف ما يقارب 2000 ريال لثلاثة أشهر)  .
لماذا لا تكون الغرف كتلك التي رأيتها , حتى صالات الاستقبال بينها كما بين السموات والأرض , لماذا ؟
هل الرجال العاملون والواقفون خلف ذلك المستشفى من جنسية أخرى أو من كوكب آخر ؟
هل هناك حكومة أخرى تصرف على تلك المستشفيات وحكومة أخرى تصرف على مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة ؟
هناك خلل ما
هناك خلل ما

هناك خلل ما

هناك خلل ما
يا وزير الصحة ....


مداخلات حول الموضوع :

http://www.humanf.org:8686/vb/showthread.php?t=159264